Deprecated: Unparenthesized `a ? b : c ? d : e` is deprecated. Use either `(a ? b : c) ? d : e` or `a ? b : (c ? d : e)` in /home/mshlwahdk/web/mshlwahdk.com/public_html/wp-content/plugins/js_composer/include/classes/editors/class-vc-frontend-editor.php on line 664
اضطراب طيف التوحّد: تعريف، وأعراض، وتشخيص، وأسباب، وعلاج - مجلة «مش لوحدك» النفسية

اضطراب طيف التوحّد: تعريف، وأعراض، وتشخيص، وأسباب، وعلاج

المحتويات إخفاء

اضطراب طيف التوحّد (بالإنجليزيّة: Autism Spectrum Disorder، ويُختصَر: ASD) هو أحد الاضطرابات التي تحدث في مرحلة النموّ، وتختلف شدّته بين شخص وآخر إلى حدّ كبير. يمكن تمييز علامات اضطراب طيف التوحّد الظاهرة من خلال مشاكل التواصل، والصعوبات الاجتماعيّة، وعادةً ما يكون هناك سلوكيّات متكررّة.
يبدو أن السبب يرجع إلى حدوث خلل في مرحلة النموّ، وللعلاج المبكّر نتائج كبيرة في تحسّن الحالة.

تعريف اضطراب طيف التوحّد

اضطراب طيف التوحّد هو اضطراب نموّ عصبيّ معقّد، يؤثّر على تطوير المخّ الطبيعيّ لمهارات الاندماج الاجتماعيّ والتواصل. من السمات المشتركة بين الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد:

  • خلل في التفاعلات الاجتماعيّة، والتواصل اللفظيّ وغير اللفظيّ.
  • مشاكل في كيفيّة استيعاب المعلومات الآتية عن طريق الحواس.
  • أنماط محدّدة من السلوكيّات المتكرّرة.

يشمل مصطلح (اضطراب طيف التوحّد) في الطبعة الخامسة من الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات النفسيّة (بالإنجليزيّة: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition، ويُختصَر: DSM-5) أمراض النموّ الأربعة الأكثر انتشارًا:

  1. اضطراب التوحّد (بالإنجليزيّة: Autistic Disorder).
  2. اضطراب أسبرجر (بالإنجليزيّة: Asperger’s Disorder).
  3. الاضطراب التَحَللي (بالإنجليزيّة: childhood Disintegrative Disorder).
  4. اضطرابات النموّ الشاملة (بالإنجليزيّة: Pervasive Developmental Disorder).

وُصِف الاضطراب بالطيف؛ لأنّ حدّة أعراضه تتراوح بين خفيفة إلى شديدة. فالأعراض إذًا مثل طيف له نطاقات مختلفة، كلّ منها يعبّر عن شدّة مختلفة للأعراض. ويشار أحيانًا إلى أولئك الذين يقعون في نهاية الطيف -حيث الجزء الأقلّ شدّة- على أنّهم ذوو متلازمة أسبرجر؛ لكنّ هذا التشخيص غير رسميّ بعد الآن.

يميل الأشخاص ذوو اضطرابات طيف التوحّد إلى الظهور بشكل غير مبالٍ وبعيد عن الأحداث المحيطة، وذلك عوضًا عن عجزهم عن تكوين روابط عاطفيّة مع الآخرين. بالإضافة إلى استجاباتهم غير الطبيعيّة تجاه التجارب الحسّيّة العاديّة، مثل ضجيج الصنبور المتسرّب الذي يصبح شديد الإزعاج، وهذا عكس ما يحدث مع الأشخاص  الذين يتكيَّفون دومًا مع الضوضاء المحيطة. كل من هذه الأعراض تتدرَّج من الاعتدال إلى الشدَّة. وتختلف أشكال ظهورها من طفلٍ إلى آخر. فعلى سبيل المثال: قد يواجه الطفل صعوبة في تعلم القراءة، بجانب إظهاره لمهارات تفاعل اجتماعيّ ضعيفة جدًا، ويَظهر على غيره أعراض أخرى، فالأعراض على الرغم من اختلافها إلَّا أنَّ كل هذه الأنماط الاجتماعيَّة والسلوكيَّة، والتواصليَّة، تتوافق مع التشخيص الشامل لاضطراب طيف التوحّد.

الأطفال ذوو التوحّد لا يتبعون الأنماط النموذجية لتطور الطفل. في بعض الحالات، قد تكون بوادر المشاكل المستقبلية واضحة منذ الولادة. ويتطوَّر آخرون بشكلٍ نموذجيّ في البداية، ولكن بين عمر 18 و36 شهرًا يبدأ الوضع في التغيُّر. قد يلاحظ الآباء أنهم بدأوا يرفضون التواصل الاجتماعيّ ويتصرفون بغرابة، بل حتى يفقدون المهارات اللغوية والاجتماعية التي قد اكتسبوها بالفعل في فترات سابقة. وفي حالات أخرى، عن طريق الملاحظة يصبح الفرق بين الطفل ذي اضطراب طيف التوحّد والأطفال الآخرين في نفس العمر أكثر وضوحًا.

قدّرت دراسة حديثة بالولايات المتّحدة الأمريكيّة عدد الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد، وتتراوح أعمارهم بين 3 إلى سنوات بنسبة (3.4) من كلّ (1000) طفل. وتقدّر مراكز السيطرة على الأمراض بالولايات المتّحدة معدّل الانتشار بين المواليد (1) من كلّ (68) ولادة ((1) بين كلّ (42) ولدًا، و(1) بين كلّ (189) فتاة).

اضطراب طيف التوحّد موجود في كل البلدان ومناطق العالم، وفي أسرٍ من جميع الخلفيّات العرقية، والدينيّة، والاقتصاديّة، ويشكّل الأشخاص ذوو اضطراب طيف التوحّد ما يقرب من (1%) من سكان العالم. يشير هذا النطاق الواسع من الانتشار إلى الحاجة إلى عمل فحص مبكّر ودقيق لأعراض اضطراب طيف التوحّد. فكلّما كان التشخيص مبكّرًا، كان للتدخّلات العلاجيّة نتيجة أكبر. قد يتجاهل أطباء الأطفال، والمعلمون، وأولياء الأمور في البداية علامات اضطراب طيف التوحّد، ظنًا منهم بأنّ الطفل طبيعيّ وتعلّمه للأشياء سيتحسّن مع الوقت، هذا التفكير المتفائل زيادة عن اللزوم -للأسف- منتشر للغاية.

على الرغم من أنّ للتدخّل المبكّر تأثير كبير في الحدّ من الأعراض وتطوّرها، وزيادة القدرة على تعلّم مهارات جديدة وتطوريها، يُشخَّص (50%) فقط من الأطفال في مرحلة ما قبل رياض الأطفال.

أعراض اضطراب طيف التوحّد

خلل المهارات الاجتماعيّة

يعاني معظم الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد من صعوبة كبيرة في التفاعل الاجتماعيّ الطبيعيّ اليوميّ، حتّى في مرحلة الرضاعة. في الواقع، لا يميل الأطفال ذوو اضطراب طيف التوحّد إلى لمس الأشخاص الآخرين واستكشافهم كما يفعل الأطفال الآخرون. يمكن للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد تجنّب الاتّصال بالعين، ومقاومة أشكال الحب الأساسيّة كالعناق والتقبيل، وعدم إظهار مشاعر الغضب أو الانبساط عند مغادرة الآباء أو عودتهم.

يرتبط الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد يرتبطون بآبائهم، إلّا إنّ تعبيرهم عن هذا الارتباط غير عاديّ ويصعب فهمه. في الواقع، قد يبدو الأمر كما لو أنّ الطفل غير مرتبط بوالديه على الإطلاق. يفتقر سلوك الأطفال إلى التعلّق بالمتوقّع؛ ما قد يشعر الأباء الذين انتظروا الفرحة المرتبطة بالحضن والتدريس واللعب مع أطفالهم بالانسحاق.

يجد أيضًا الأطفال ذوو اضطراب طيف التوحّد صعوبة في فهم التلميحات الاجتماعيّة. تمنح التلميحات الاجتماعيّة غير المباشرة ولغة الجسد (مثل الابتسامة، أو الغمزة، أو التكشيرة) الكلام معانٍ أخرى. لكنّ الطفل ذي اضطراب طيف التوحّد لا يستوعب هذه الإشارات؛ فالكلام بالنسبة إليه يحمل دائمًا نفس المعنى سواء كان المتحدّث مبتسمًا أو عابس الوجه. ومن دون القدرة على تفسير الإيماءات وتعبيرات الوجه، قد يبدو التفاعل الاجتماعيّ محيّرًا (تفسير السلوك العدوانيّ الموجه نحوهم، أو التفريق بين السخرية والجدّ، أو معرفة سبب اعتبار بعض النكات مضحكة).

قد يفتقر الشخص ذو اضطراب طيف التوحّد أيضًا إلى القدرة على فهم الأشياء من منظور شخصٍ آخر؛ ممّا يجعله غير قادر على فهم ردود فعل الآخرين تجاه أفعالهم، أو توقّعها.

يمكن للأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد المعاناة من صعوبة في تنظيم عواطفهم. يميل بعضهم إلى أن يكونوا عدوانيّين، أو معرّضين لفقدان السيطرة، لا سيّما عندما يكونون محبطين، أو في بيئة مليئة بالمواقف التي تسبّب ضغوطات. وقد يكسرون الأشياء، ويسحبون شعرهم، ويؤذون أنفسهم أو الآخرين.

خلل المهارات اللغويّة

تظهر الأبحاث أنه في حين أنّ بعض الرضّع يثرثرون خلال الأشهر الستّة الأولى من حياتهم، يبقى نصف الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد لا يعبرون عن أنفسهم لغويًّا طوال حياتهم. وهؤلاء الذين يعبّرون لفظيًّا لا يطوّرون مهاراتهم اللغويّة إلّا في سن متأخرة من (5) إلى (9) سنوات، في حين أن الأطفال غير المشخّصين باضطراب طيف التوحّد يمكنهم تكوين عبارات واتّباع النهج الصحيح في النطق بوصولهم لعامهم الثاني. قد يكرّر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد نفس العبارة مرارًا وتكرارًا، ويستخدمون كلمات مفرطة، أو لا يمكن الجمع بينها في جمل مفيدة.

بعض الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد قادرون فقط على تكرار ما سمعوه، وهي حالة تسمى: اللفظ الصدويّ (بالإنجليزيّة: Echolalia). يعتبر اللفظ الصدويّ شائعًا بين الأطفال الصغار ذوي اضطراب طيف التوحّد، لكن هذه المرحلة عادةً تنتهي عند بلوغهم سن الثالثة.

بعض الأطفال ذي اضطراب طيف التوحّد بشكلٍ بسيط يظهرون تأخيرات بسيطة في لغوياتهم أو يكون لديهم مهارات لغوية مبكرة ومفردات كبيرة غير معتادة. ومع ذلك، يكون لديهم صعوبة كبيرة في مجاراة من أمامهم في المحادثة. على الرغم من عدم إيجادهم صعوبة بالغة في مجاراة الحديث، يستطيعون في الغالب التحدّث بأريحيّة عن مواضيعهم المفضّلة، دون إعطاء أحد الفرصة في التعليق. من الصعوبات الأخرى المتكررة لديهم هي عدم القدرة على فهم لغة الجسد، أو نبرة الصوت، أو الجمل التي تحمل أكثر من معنى.

يميل الأشخاص ذو اضطراب طيف التوحّد إلى الخلط بين الضمائر، لذلك فإن كلمات مثل: «أنا» و«أنت» و «هو» تحمل عندهم نفس المعنى. إذا سأل والد الطفل ذي اضطراب طيف التوحّد «ما لون قميصي؟» قد يجيبه الطفل بلون قميصه هو.

قد يكون صعبًا تفسير لغة جسد الطفل ذي اضطراب طيف التوحّد؛ لأنّ إيماءاته ونبرة صوته نادرًا ما يتطابقون مع ما يقوله الطفل أو يشعر به. الصوت عالي النبرة، الرخيم، أو الخافت، أو الذي يشبه الروبوت هو أمر شائع بين الأطفال ذي اضطراب طيف التوحّد.

بدون قدرتهم على التعبير بإيماءات لها معانٍ واضحة أو استخدام اللغة بشكلٍ مفهوم، يجد الأشخاص ذو اضطراب طيف التوحّد حيرة في إخبار الآخرون ما يحتاجون إليه. ونتيجة لذلك، تجهم يأخذون ما يحتاجونه بالقوّة أو يصرخون. وإلى أن يتم تعليمهم طرقًا أفضل للتعبير عن احتياجاتهم، يقوم الأطفال ذوو اضطراب طيف التوحّد بكل ما في وسعهم للوصول بفهمهم إلى الآخرين. مع نمو الأشخاص ذي اضطراب طيف التوحّد، يمكن أن يصبحوا أكثر وعيًا بصعوباتهم في فهم الآخرين، وفي فهم الآخرين لهم. ونتيجة لذلك، قد يصيبهم القلق والاكتئاب.

السلوكيّات المتكرّرة

يمشي العديد من الأشخاص ذي اضطراب طيف التوحّد على أصابع أقدامهم، أو يطوون أذرعهم ويتجمّدون فجأة موقفهم. يسمّي الخبراء مثل هذه السلوكيات المتكرّرة بالصور النمطيّة (بالإنجليزيّة: Stereotypes) أو التحفيز الذاتي (بالإنجليزيّة: Self-Stimulation).

يحتاج الأشخاص ذي اضطراب طيف التوحّد ويطلبون (خصوصًا الأطفال) إلى وجود تطابق مطلق في بيئتهم، والعديد منهم ينخرطون في طقوس يوميّة في نفس الوقت وفي نفس المكان بالضبط. قد يشعرون بالغضب الشديد إذا لم يكن الكوب في المكان الذي تركوه فيه، أو كانت الوسادة في مكانٍ آخر من الأريكة. وبالنسبة للأطفال، فقد يقضون ساعات في اصطفاف سيارات لعبهم وقطاراتهم بطريقة معيّنة، بدلاً من استخدامها في اللعب. إذا نقل شخص ما إحدى الألعاب عن غير قصد، قد يشعر ذلك الطفل بالضيق الشديد.

يشغل أحيانًا السلوك المتكرّر الشخص بشكلٍ دائم ومكثّف. على سبيل المثال، قد يصبح الطفل مهووسًا بتعلّم كلّ شيء عن المكانس الكهربائيّة، أو جداول القطار، أو المنارات. وغالبًا ما يكون هناك اهتمام كبير بالأرقام، أو الرموز، أو موضوعات العلوم.

تقتصر قدرة الطفل ذي اضطراب طيف التوحّد على اللعب على هذه السلوكيات القهريّة، ولا يمتلك إلّا القليل من الخيال. كما أنّهم لا يقلّدون تصرّفات الآخرين، ويفضّلون اللعب الانفراديّ والقائم على نفس الفعل.

المشاكل التي قد تصاحب اضطراب طيف التوحّد

مشاكل في الإدراك الحسيّ

يعجز الأطفال ذوو اضطراب طيف التوحّد في إدراك المنبهات المحيطة بهم بدقّة أو دمجهم في صورة واحدة متماسكة، مما يؤدي إلى شعورهم بالحيرة تجاه البيئة المحيطة بهم. كثير من الأطفال ذي اضطراب طيف التوحّد يتّسمون بدرجة عالية من الحساسية تجاه أصوات معينة، أو ملمس معيّن، أو أطعمة معيّنة، أو روائح معيَّنة. بعض الأطفال يجدون رائحة طهي طعام معين مشتّتة لانتباههم تمامًا، ويصبون كل تركيزهم عليها. بالنسبة للآخرين، قد تكون بعض الأصوات، مثل المكنسة الكهربائية، أو رنين الهاتف، أو العواصف المفاجئة، أو حتى صوت الأمواج على الشاطئ، مزعجة جدًّا لدرجة جعل هؤلاء الأطفال يغطّون آذانهم ويصرخون.

لا يكون دماغ الطفل ذي اضطراب طيف التوحّد قادرًا على موازنة تجربته الحسّيّة بشكلٍ مناسب. يمكن لذلك أن يجعله عرضة للبرودة الشديدة دون أخذ ردّ فعل، أو قد يسقط ويكسر ذراعه ولا يبكي أبدًا، أو قد يضرب رأسه بالحائط دون أيّ تردّد، ولكن لمسة خفيفة منك سوف تجعله يصرخ. تختلط الحواس عند أطفال آخرين؛ فتجد الطفل يغطّي أذنيه لتفادي سماع لون معيّن يستقبله على أنّه صوت.

الإعاقة الذهنيّة

كثير من الأطفال ذي اضطرابات طيف التوحّد يكون لديهم درجة من الخلل العقليّ. عند الفحص يتبيَّن أن البعض لديهم قدرات عادية في بعض المجالات، بينما يكون لدى آخرون قدرات ضعيفة. على سبيل المثال: الطفل ذي اضطراب طيف التوحّد قد يحرز نتائج جيدة في بعض الأجزاء من اختبار المهارات البصريَّة، ويحصل على نتائجٍ أخرى منخفضة في اختبار اللغة.

نوبات الصرع

يصاب حوالي (25%) من الأطفال ذي اضطراب طيف التوحّد بنوبات الصرع في مرحلة الطفولة المبكرة أو المراهقة. يمكن أن تتراوح هذه النوبات من حالات إغماء إلى تشنجات الجسم كاملة. وفي معظم الحالات، يمكن السيطرة على هذه النوبات باستخدام الأدوية.

متلازمة الكروموسوم إكس الهشّ

متلازمة الكروموسوم إكس الهش (بالإنجليزيّة: Fragile X Syndrome): تعتبر الشكل الأكثر شيوعًا للإعاقة الذهنيّة، والذي تم تسميته بجزء معيب من الكروموسوم إكس الذي يبدو مضغوطًا وهشًا تحت المجهر، مصاب بهذه المتلازمة من (2%) إلى (5%) من الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد.

الأشخاص الذين يرثون هذا الخلل الجيني هم أكثر عرضة للإعاقة الذهنيّة والعديد من أعراض اضطراب طيف التوحّد بالإضافة إلى سمات جسديّة أخرى غير طبيعيّة ليس لها علاقة بالتوحّد.

من المهمّ أن يتم فحص الطفل ذي باضطراب طيف التوحّد ومعرفة إذا كان مصابًا بمتلازمة الكروموسوم إكس، خصوصًا إذا كان الوالدان يفكران في إنجاب طفل آخر. فلأسباب غير معروفة، إذا كان الطفل ذو اضطراب طيف التوحّد مصاب بمتلازمة الكروموسوم إكس الهش، فإن هناك نسبة (50%) أن يكون لدى الأولاد الذين يولدون لنفس الأبوين نفس المتلازمة؛ لذا فقد يرغب أعضاء العائلة الآخرون الذين قد يفكرون في إنجاب طفل في التحقق من سريان هذه المتلازمة في جيناتهم.

مرض التصلّب الحدبيّ

هناك علاقة بين اضطراب طيف التوحّد والتصلب الجلدي أو يطلق عليه أيضًا التصلّب الحدبيّ (بالإنجليزيّة: Tuberous Sclerosis)، وهي حالة وراثية تسبب نمو نسيج غير طبيعيّ في الدماغ ومشاكل في أعضاءٍ أخرى. في حين أن التصلّب الحدبيّ يحدث أقل من مرة واحدة كل (10.000) ولادة، إلّا أنّ حوالي (25%) من المصابين به لديهم أيضًا اضطراب طيف التوحّد. يستكشف العلماء الظروف الوراثية مثل: متلازمة الكروموسوم إكس الهشّ ومرض التصلّب الحدبيّ لمعرفة السبب الذي يجعلهم في كثير من الأحيان يتواجدون مع اضطراب طيف التوحّد.

كيف يمكن تشخيص اضطراب طيف التوحّد؟

من أجل تشخيص اضطراب طيف التوحّد، يجب وجود مشكلة واحدة على الأقل من النواحي الآتية قبل عمر (3) سنوات: مشاكل في التواصل، أو التفاعل الاجتماعيّ، أو وجود السلوك المقيّد. تتكوّن عمليّة التشخيص من مرحلتين. تتضمن المرحلة الأولى فحصًا لمدى تطوّر الطفل، وذلك أثناء فحوصات تسمى فحوصات «الطفل السليم» (بالإنجليزي: Well child)؛ تتضمّن المرحلة الثانية تقييمًا شاملًا من قبل فريق متعدّد التخصصات.

قد يلاحظ الآباء أنّ طفلهم يبدو مختلفًا منذ ولادته، من خلال عدم وجود استجابة تجاه الألعاب والأشخاص، أو تركيزه باهتمام شديد على عنصرٍ واحد لفترات طويلة. ومع ذلك، يمكن ظهور علامات اضطراب طيف التوحّد أيضًا على طفلٍ صغير كان يبدو في السابق طبيعيًّا: يصبح الطفل الذي كان يتمتع بصحة جيدة فجأة عنيفًا أو منعزلًا. قد تمر السنوات قبل سعي أحد الوالدين إلى تشخيص الحالة، على أملًا منهم أن يكون كل شيء على ما يرام، مما يؤخر من فرص الطفل في تلقّي العلاج المناسب في الوقت المناسب.

يمكن أن تساعد مراجعة أشرطة الفيديو العائلية، والصور، وألبومات الأطفال الآباء في تذكّر مراحل ظهور السلوكيَّات عند مراحل عمريّة معيّنة.

تم تطوير العديد من أدوات الفحص لجمع المعلومات بسرعة حول التطوّر الاجتماعيّ، والتواصليّ، للطفل. من بينها:

  • قائمة المراجعة الخاصة بالتوحّد في الأطفال الصغار (بالإنجليزيّة: Checklist of Autism in Toddlers، وتُختصَر: CHAT).
  • قائمة المراجعة الخاصة بالتوحّد في الأطفال الصغار المُعدَّلة (بالإنجليزيّة: Modified Checklist of Autism in Toddlers، وتُختصَر: M-CHAT).
  • أداة الفحص الخاصة بالتوحّد في عامين من العمر (بالإنجليزيّة: the Screening Tool for Autism in Two-Year-Olds، وتُختصَر: STAT).
  • استبيان التواصل الاجتماعيّ (بالإنجليزيّة: Social Communication Questionnaire، ويُختصَر SCQ)، ويُجرى استبيان التواصل الاجتماعي للأطفال (4) سنوات فما فوق.

تعتمد بعض أدوات الفحص فقط على ردود الأهل على الاستبيان، ويعتمد البعض على مزيج من تقارير الأمهات والملاحظة. تتضمّن العناصر الأساسيّة الموجودة في الأدوات التي تميّز الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد قبل بلوغهم العامين: الإشارة إلى الأشياء، واللعب عن طريق التظاهر، فمثلًا يمسك الطفل السيارة ويتظاهر أنّه يقودها (وهو أمر جيّد).

قد يفكر الطبيب أيضًا في حالات أخرى بنفس أعراض اضطراب طيف التوحّد، مثل متلازمة ريت (بالإنجليزيّة: Rett’s Syndrome) أو متلازمة أسبرجر (بالإنجليزيّة: Asperger’s Syndrome). متلازمة ريت هي اضطراب دماغيّ تدريجيّ يؤثّر فقط على الفتيات، ولكن على غرار اضطراب طيف التوحّد، ينتج عنه حركة متكرّرة في اليد، ويؤدّي إلى فقدان المهارات اللغويّة والاجتماعيّة. يعاني الأطفال ذوي متلازمة أسبرجر أيضًا من السلوكيّات المتكرّرة والمشكلات الاجتماعيّة الشديدة، والحركات الخرقاء، ومع ذلك فإن لغتهم وذكائهم لا يتأثّرون.

خلال السنوات القليلة الماضية، صُمّمَت أدوات لفحص متلازمة أسبرجر، والتوحّد ذي الأداء الوظيفيّ العالي (بالإنجليزيّة: High-Functioning Autism)، والتي تُعَدّ من الأدوات الموثوقة التي تحدّد إذا ما كان الأطفال ذوي متلازمة أسبرجر أو التوحّد ذو الأداء الوظيفي العالي؛ وتركّز هذه الأدوات على الإعاقات الاجتماعيّة والسلوكيّة عند الأطفال الذين لا يوجد لديهم مشاكل في تأخّر اللغة. أمثلة لهذه الأدوات:

  • استبيان فحص طيف التوحّد (بالإنجليزيّة: Autism Spectrum Screening Questionnaire، ويُختصَر: ASSQ)
  • المقياس الأسترالي لمتلازمة أسبرجر (بالإنجليزيّة: Australian Scale for Asperger’s Syndrome)
  • اختبار متلازمة أسبرجر في مرحلة الطفولة (بالإنجليزيّة: Childhood Asperger Syndrome Test، ويُختصَر: CAST).

بهدف استبعاد تشخيص اضطراب طيف التوحّد أو اضطرابات النمو الأخرى أو تأكيدها، يجب على المرحلة الثانية من التشخيص أن تكون شاملة، وتضمّ التقييمات العصبيّة والجينيّة جنبًا إلى جنب مع الاختبار المعرفيّ واللغويّ. وتشمل:

  • تشخيص المراجعة-المنقّحة للتوحّد (بالإنجليزيّة: Autism Diagnosis Interview-Revised، ويُختصَر: ADI-R)، وهو عبارة عن مقابلة منظمة تحتوي على أكثر من (100) عنصر ويتم إجراؤها مع أحد مقدمي الرعاية. ويركز على (4) عوامل رئيسيّة هي: التواصل والتفاعل الاجتماعي، والسلوك التكراري، والأعراض في سن السن التي بدأت فيه.
  • وجدول مراقبة تشخيص التوحّد (بالإنجليزيّة: Autism Diagnostic Observation Schedule، ويُختصَر: ADOS-G)، وهو مقياس عن طريق الرصد يستهدف السلوكيات الاجتماعية والتواصلية التي غالبًا ما تكون متأخّرة وغير طبيعيّة، أو غائبة لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد.

هو مقياس الرصد المستخدمة للضغط من أجل السلوكيات الاجتماعية والتواصلية التي غالبًا ما يتم تأخير، غير طبيعيّ، أو غائبة في الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد.

ومن الأدوات الأخرى التي غالبًا ما يستخدمها المختصّون هي مقياس تقييم التوحّد في الطفولة (بالإنجليزيّة: Childhood Autism Rating Scale، ويُختصر: CARS) فهو يساعد في تقييم حركات جسم الطفل، ومدى التكيف مع التغيير، والاستجابة الصوتية، والتواصل اللفظي، والعلاقة مع الناس. هذا المقياس مناسب للاستخدام مع الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن عامين. يراقب الفاحص الطفل ويحصل أيضًا على المعلومات ذات الصلة من الوالدين. يتم تصنيف سلوك الطفل على مقياس يعتمد على الانحراف عن السلوك النموذجي للأطفال في نفس العمر.

ينبغي إجراء اختبارَين أخريَين لتقييم أيّ طفل يعاني من تأخّر في النمو. يجب إجراء تقييم سمعيّ رسميّ لتحديد ما إذا كان هناك فقدان سمع فعلي. كما يجب إجراء فحص لمعدّلات الرصاص؛ فالأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد عادةً ما يكون لديهم ارتفاع في مستويات الرصاص في الدم.

يمكن أن يكون تلقي تشخيص اضطراب طيف التوحّد مدمّرًا، ولكن تأكّد من طرح أسئلة على فريق التقييم احصل منهم على توصيّات بخصوص الخطوات التالية التي عليك فعلها، بالإضافة إلى أسماء المختصّين الذين يمكنهم الإجابة على أسئلة أخرى قد تقابلك.

تشخيص اضطراب طيف التوحّد حسب معايير الدليل التشخيصيّ والإحصائيّ الخامس للاضطرابات النفسيّة

أ) التاريخ أو الكفاح الحاليّ مع العجز المستمرّ في التفاعلات الاجتماعيّة، ويظهر على شكل:

  • الفشل في إنشاء أو الحفاظ على محادثة تفاعليّة. وعدم الاهتمام أو القدرة على مشاركة الاهتمامات الشخصيَّة، أو إبداء ردود الفعل، كالقبول، أو الردود العاطفية المتوقّعة، كإبداء الإعجاب، أو ردود الأفعال الأخرى.
  • مشاكل التواصل غير اللفظيّة التي تنطوي على تفاعل ضعيف من التواصل اللفظي وغير اللفظي، وسوء في الحفاظ على اتصال العين وسوء في استخدام لغة الجسد، وفي عدم فهم واستخدام الإيماءات، وفي قلّة تعبيرات الوجه
  • مشاكل في النموّ، وفي الحفاظ على أو فهم العلاقات الشخصيّة، ممّا يقود إلى عدم محاولة الطفل في تكوين صداقات من الأساس.

تُحدَّد الشدّة الحاليّة للاضطراب على أساس ضعف التواصل الاجتماعيّ، والسلوك التكراريّ المفرط.

ب) التاريخ أو الكفاح الحاليّ مع السلوك، أو الاهتمامات، أو النشاطات التكراريّة أو المقيّدة، والتي يجب أن تشمل (2) ممّا يلي:

  • الحركات المتكررة (ترديد الجمل، واستخدام عبارات غير منطقية)، و/أو الاستخدام المتكرر للأشياء (ترتيب الألعاب بطريقة معينة).
  • الاحتياج إلى اتباع إجراءات وطقوس معيّنة لفظيّة أو غير لفظيّة، وينتج حالة من الضيق الشديد إذا حدث أيّ تغيير ولو بسيط في الروتين والطقس المتّبع.
  • التركيز على أشياء أخرى لا تهمّهم، أو التركيز على اهتمامات غير الطبيعيّة بشكلٍ مفرط لدرجة أنّها تشغل حيّز كبير مما يتم التفكير والنطق به، حتى تقم بكبحهم عن الانخراط في التفاعلات الاجتماعيّة النموذجيّة.
  • فرط أو فرط نشاط تجاه الإدراك الحسيّ للمؤثّرات البيئيَّة (الألم أو درجة الحرارة، والاستجابات السلبيّة تجاه الأصوات).

تُحدَّد الشدة الحالية للاضطراب على أساس ضعف التواصل الاجتماعي، والسلوك التكراري المفرط.

ج) الأعراض السابقة أو الحاليّة الموجودة في مرحلة النمو المبكّر.

د) تسبّب الأعراض اعتلالًا في المجالات الاجتماعيّة أو المهنيّة أو غيرها من الوظائف المهمة.

هـ) لا يمكن تفسير الأعراض أو الاعتلالات بشكلٍ أفضل عن طريق الإعاقة الذهنيّة أو التأخّر في النمو. ومع ذلك، لأنّ الإعاقات الذهنيّة واضطرابات طيف التوحّد يمكنهما التواجد معًا، يجب أن يشمل تشخيص اضطراب طيف التوحّد والإعاقة الذهنية ضعف التواصل الاجتماعي على المستوى التنمويّ.

ملحوظة: إذا شُخّص الشخص باضطراب التوحّد، أو اضطراب أسبرجر، أو اضطراب النمو المنتشر اعتمادًا على النسخة الرابعة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسيَّة، فيجب أن يتم تشخيصه باضطراب طيف التوحّد حسب الطبعة الخامسة من الدليل.

حدّد ما إذا كان: يصاحب الاضطراب إعاقة ذهنية أم لا، أو إذا ما كان يصاحبه ضعف في اللغة مرتبط مع حالة طبية أو وراثية معروفة، أو عامل بيئي مرتبط باضطرابات النمو العصبيّة، أو العقليّة، أو السلوكيّة مع الجامود (الإغماء التخشّبيّ).

أسباب اضطراب طيف التوحّد

اضطراب طيف التوحّد هو اضطراب جسديّ مرتبط بنشاط بيولوجيّ وكيميائيّ غير طبيعيّين في الدماغ. لا تزال الأسباب الدقيقة لهذه العيوب غير معروفة؛ لكنّ البحث بخصوص هذا الصدد نشطٌ للغاية.

تبدو العوامل الوراثيّة مهمّة. على سبيل المثال، ترتفع احتماليّة حدوث اضطراب طيف التوحّد لدى التوائم المتماثلة مقارنةً بالتوائم الشقيقة أو الأشقّاء الآخرين. وتكون تشوهات اللّغة أكثر شيوعًا بين أقارب الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد. كما أنّ تشوّهات الكروموسومات والمشاكل العصبيّة الأخرى هي أكثر شيوعًا في الأسر ذات اضطراب طيف التوحّد.

ويدرس الباحثون في المعهد الوطنيّ للصحّة العقليّة (بالإنجليزيّة: National Institute of Mental Health، ويُختصَر: NIMH) بالولايات المتّحدة الأمريكيّة ومعاهد صحيّة أخرى كيفيّة اختلاف دماغ الشخص ذي اضطراب طيف التوحّد عن الآخرين. يحقّق بعض الباحثين في العيوب المحتملة التي تحدث أثناء فترة نموّ الدماغ الأوّليّ، ويبحث آخرون عن عيوب في أدمغة الأشخاص الذين شُخّصوا بالفعل باضطراب طيف التوحّد.

أظهرت دراسات التصوير العصبيّ الحديثة أنّ ما يسهم في حدوث اضطراب طيف التوحّد قد يكون نموًّا غير طبيعيّ للدماغ يبدأ في الأشهر الأولى للرضيع. تدلّ نظريّة «عدم انتظام النمو» هذه على أنّ التشوّهات التشريحيّة التي يشهدها اضطراب طيف التوحّد ناجمة عن عيوب وراثيّة في عوامل نموّ الدماغ. من الممكن أن يكون النموّ المفاجئ السريع للرأس لدى الأطفال الرضّع إشارة إنذار مبكّر؛ فتؤدّي إلى التشخيص المبكّر، وبالتالي إلى تدخّل علاجيّ فعّال، والوقاية من اضطراب طيف التوحّد.

إضافة إلى ما سبق، أظهرت دراسات الجثث والتصوير بالرنين المغناطيسي (بالإنجليزيّة: Magnetic Resonance Imaging، ويُختصَر: MRI) أنّ العديد من أجزاء الدماغ الرئيسيّة متورّطة في التسبّب باضطراب طيف التوحّد. وهذا يشمل المخيخ، والقشرة الدماغيّة، والجهاز الحوفيّ، والجسد الثفنيّ، والعقد القاعديّة، وجذع الدماغ. يركّز بحث آخر على العلاقة بين الناقلات العصبيّة مثل السيروتونين (بالإنجليزيّة: Serotonin)، والدوبامين (بالإنجليزيّة: Dopamine)، والإبينيفرين (بالإنجليزيّة: Epinephrine) واضطراب طيف التوحّد.

علاج اضطراب طيف التوحّد

لا توجد استراتيجيّة علاج واحدة يمكن وصفها على أنّها الأفضل لعلاج جميع الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد. ولكن يتّفق معظم المعالجين على نقطتين: أوّلًا، التدخّل المبكّر مهمّ. وثانيًا، يستجيب معظم الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد لبرامج العلاج المتخصّصة والمخطّطة بشكل جيّد. يمكن للعلاج أيضًا أن يشمل تناول الأدوية تحت الإشراف الطبيّ.

قبل اتّخاذ أيّ قرار بشأن علاج طفلك، ستحتاج إلى جمع المعلومات حول مختلف الخيارات المتاحة. ابحث، وتعلّم قدر المستطاع، وانظر إلى جميع الخيارات، واتّخذ قرارك بشأن علاج طفلك بناءً على احتياجاته. قد ترغب في زيارة المدارس العامّة في منطقتك لمعرفة نوع البرنامج الذي تقدّمه للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة. ضع في اعتبارك بعض الأسئلة كي تحدّد ما إذا كان البرنامج يناسب طفلك، مثل:

  • ما مدى نجاح البرنامج بالنسبة للأطفال الآخرين؟
  • هل يتلقّى الموظّفون التدريب المناسب؟ وهل لديهم خبرة في التعامل الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد؟
  • كيف تُنظَّم الأنشطة؟
  • ما مدى الاهتمام الذي يتلقّاه كل طفل؟
  • هل يمكّن البرنامج أولياء الأمر من مواصلة العلاج في المنزل؟

من بين العديد من الطرق المتاحة لعلاج الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد وتعليمهم، أصبح تحليل السلوك التطبيقيّ (بالإنجليزيّة: Applied Behavior Analysis، ويُختصَر: ABA) مقبولًا على نطاق واسع كعلاج فعّال. جاء في كتاب «الصحّة العقليّة: تقرير الجرّاح العامّ» أنّ «ثلاثون عامًا من الأبحاث أظهرت فعّاليّة الطرق السلوكيّة التطبيقيّة في الحدّ من السلوك غير اللائق، وفي زيادة التواصل، والتعلّم، والسلوك الاجتماعيّ المناسب». تهدف الإدارة السلوكيّة إلى تعزيز السلوكيّات المرغوب بها، والحدّ من السلوكيّات غير المرغوبة.

يُبنى البرنامج العلاجيّ الفعّال على اهتمامات الطفل، ومن خصائصه: يقدّم جدولًا يمكن التنبّؤ به، ويعلّم المتطلّبات على شكل خطوات بسيطة، ويُشرِك بفعّاليّة انتباه الطفل في أنشطة منظّمة للغاية، ويُعزّز السلوك بشكل منتظم. تُعَدّ مشاركة الوالدين عاملًا رئيسيًّا في نجاح العلاج؛ حيث يعمل الآباء مع المدرّسين والمعالجين للتعرّف على السلوكيّات الواجب تغييرها، والمهارات الواجب تدريسها. انطلاقًا من فكرة أنّ أولياء الأمور هم أوّل معلّمي الطفل، بدأت المزيد من البرامج العلاجيّة بتدريب الآباء على مواصلة العلاج في المنزل.

فور تحديد إعاقة الطفل، تبدأ الإرشادات. تعلّم البرامج العلاجيّة الفعّالة مهارات التواصل المبكّر والتفاعل الاجتماعيّ. بالنسبة للأطفال الأصغر من (3) سنوات، تحدث التدخّلات المناسبة عادةً في المنزل أو مركز رعاية الطفل. وتستهدف هذه التدخّلات أوجه قصور محدّدة في التعلّم، واللغة، والتقليد، والانتباه، والتحفيز، والالتزام، وأخذ الخطوات الأولى للتفاعل. وتشمل خطّة العلاج الطرق السلوكيّة، والتواصل، والعلاج الوظيفيّ والبدنيّ جنبًا إلى جنب مع تدخّلات في اللعب الاجتماعيّ. عادةً ما يخضع للأطفال الأكبر سنًا من (3) أعوام للتعليم الخاصّ الفرديّ في المدرسة. قد يكون الطفل في فصل منفصل مع أطفال آخرين ذوي اضطراب طيف التوحّد، أو في فصل مدمج مع أطفال غير ذوي الإعاقة على الأقلّ في جزء معيّن من اليوم.

قبل إنفاق الوقت والمال وتأخّر تحسّن الحالة، على العائلة تقييم النتائج المقدّمة من قبل المراجعين الموضوعيّين بخصوص العلاجات. نعرض في ما يلي لبعض الأساليب التي لم تكن فعّالة في علاج غالبيّة الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد:

  • التواصل المُيسَّر: وتزعم نظريّتها العلاجيّة أنّ الطفل سيكون قادرًا على كتابة أفكاره الداخليّة، من خلال دعم أذرعه وأصابعه؛ حتّى يتمّكن من الكتابة على لوحة المفاتيح، ويعبّر عن نفسه بشكل غير لفظيّ. أثبتت عدّة دراسات علميّة أنّ الرسائل المكتوبة تعكس في الواقع أفكار الشخص الذي يقدّم الدعم.
  • العلاج بالحضن: وتزعم نظريّتها العلاجيّة أنّ على الآباء معانقة الطفل لفترات طويلة من الزمن -حتّى لو قاوم الطفل العناق- لتشجيع الترابط بينهم. لا يوجد دليل علميّ يدعّم فكرة أنّ هذا الفعل يخلق علاقة بين الوالدين والطفل.
  • التدريب على التكامل السمعيّ: في هذا العلاج، يستمع الطفل لمجموعة متنوّعة من الأصوات لتحسين الفهم اللغويّ. من المفترض أن تساعد هذه الطريقة الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد على تلقّي المزيد من المدخلات الحسيّة المتوازنة من بيئتهم. عند الاختبار باستخدام الإجراءات العلميّة، تبيّن أنّ الطريقة ليست أكثر فاعليّة من الاستماع إلى الموسيقى.
  • طريقة دولمان/ديلكاتو: تتضمّن هذه الطريقة زحف الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد وتحرّكهم كما في كلّ مرحلة من مراحل طفولتهم الأولى؛ في محاولة لتعلّم المهارات المفقودة. لا يوجد دليل علميّ على صحّة هذه الطريقة.

الأدوية

في حين لا يصحّح أيّ نوع من أنواع العلاج الاعتلالات المصاحبة لاضطراب طيف التوحّد، غالبًا ما تُستخدَم الأدوية لعلاج المشاكل السلوكيّة التي تحدّ من قدرة الأشخاص ذوي الاضطراب على أداء وظائفهم بفعّاليّة في المنزل أو المدرسة. ومن هذه المشاكل السلوكيّة: العدوان، والسلوك المضرّ بالنفس، ونوبات الغضب الشديدة. أمّا الأدوية المستخدمة فهي تلك التي طُوّرَت لعلاج أعراض مماثلة في اضطرابات أخرى، مثل: الوسواس القهريّ، والاكتئاب.

قد لا يستجيب الطفل ذي اضطراب طيف التوحّد للأدوية بالطريقة نفسها التي يستجيب بها الأطفال الآخرون. من المهمّ أن يعمل الآباء مع طبيب لديه خبرة في التعامل مع الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد. كما يجب مراقبة الطفل عن كثب أثناء تناول الدواء. سيقوم الطبيب بوصف أقلّ جرعة ممكنة لتكون فعّالة. اسأل الطبيب عن أيّ آثار جانبيّة قد تحتوي عليها الأدوية، واحتفظ بسجلّ عن كيفيّة استجابة طفلك للدواء. سيكون من المفيد قراءة إرشادات الدواء التي تأتي مع دواء طفلك. يحتفظ بعض الأشخاص بالإرشادات في دفتر صغير لاستخدامه كمرجع. يكون هذا الإجراء مفيدًا جدًّا عند وصف عدّة أدوية.

القلق والاكتئاب

تُوصَف مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائيّة (بالإنجليزيّة: Selective Serotonin Reuptake Inhibitor، وتُختصَر: SSRIs) عادةً لأعراض القلق، والاكتئاب، واضطراب الوسواس القهريّ. وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة (بالإنجليزيّة: Food and Drug Administration، وتُختصَر: FDA) على مثبّطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائيّة والفلوكستين (بروزاك) فقط لعلاج اضطراب الوسواس القهريّ والاكتئاب لدى الأطفال في سنّ (7) فما فوق.

تمّت الموافقة على (3) أدوية لعلاج الوسواس القهريّ، وهي التالية:

  • فلوفوكسامين (بالإنجليزيّة: Fluvoxamine)، واسمه التجاريّ: لوفوكس (بالإنجليزيّة: Luvox): من سنّ (8) سنوات فما فوق.
  • سيرترالين (بالإنجليزيّة: Sertraline)، واسمه التجاريّ: زولوفت (بالإنجليزيّة: Zoloft): من سنّ (6) سنوات فما فوق.
  • الكلوميبرامين (بالإنجليزيّة: Clomipramine)، واسمه التجاريّ: أنافانيل (بالإنجليزيّة: Anafranil): من سنّ (10) سنوات فما فوق.

يمكن الربط بين العلاج بهذه الأدوية وانخفاض وتيره السلوك المتكرّر، وفعل الأشياء بطريقة معيّنة، بالإضافة إلى تحسّن في الاتصال بالعين والتواصل الاجتماعيّ. تقوم إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة بدراسة وتحليل البيانات من أجل فهم أفضل لكيفية استخدام مثبّطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائيّة بأمان وفعاليّة بأقل جرعة ممكنة.

تجدر الإشارة إلى أنّ إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة، وبعد مراجعة شاملة للبيانات، أصدرت ضرورة لصق «إنذار الصندوق الأسود» في عام (2004) على جميع الأدوية المضادّة للاكتئاب، وعدّلته في عام (2007) ليشمل البالغين حتّى عمر (25). يؤكّد التحذير على وجوب مراقبة الأطفال والمراهقين والبالغين الذين يتناولون مضادّات الاكتئاب عن كثب، وخاصّة خلال الأسابيع الأولى من العلاج، وملاحظة تفاقم الاكتئاب والتفكير أو السلوك الانتحاريّ، أو أيّة تغيّرات غير عاديّة في السلوكيّات الأخرى كالأرق، أو الهياج، أو الانسحاب من المواقف الاجتماعيّة العاديّة.

المشاكل السلوكيّة

مضادّات الذهان النمطيّة

استُخدمَت الأدوية المضادّة للذهان النمطيّة لعلاج المشاكل السلوكيّة الشديدة. تعمل هذه الأدوية عن طريق الحدّ من نشاط الدوبامين -أحد النواقل العصبيّة- في الدماغ. ومن بين مضادّات الذهان الأقدم:

  • الهالوبيريدول (بالإنجليزيّة: Haloperidol)، واسمه التجاريّ: هالدول (بالإنجليزيّة: Haldol).
  • الثيوريدازين (بالإنجليزيّة: Thioridazine).
  • الفلوفينازين (بالإنجليزيّة: Fluphenazine).
  • الكلوربرومازين (بالإنجليزيّة: Chlorpromazine).

تبيّنت أكثر من دراسة أنّ الهالوبيريدول أكثر فعّاليّة من العلاج الوهميّ (البلاسيبو) في علاج المشاكل السلوكيّة الخطيرة. وعلى الرغم من أنّ الهالوبيريدول يمكن أن يكون مفيدًا لتقليل أعراض السلوك العدوانيّ، قد يكون له آثار جانبيّة ضارّة، مثل: الشعور بالتخدير، وتيبّس العضلات، ووجود حركات غير طبيعيّة.

مضادّات الذهان غير النمطيّة

في العام (2002)، أجرت وحدات الأبحاث المدعّمة من قبل المعهد الوطنيّ للصحّة العقليّة بالولايات المتّحدة دراسةً على شبكة التوحّد النفسيّة للأطفال (بالإنجليزيّة: Research Units on Pediatric Psychopharmacology، وتُختصَر: RUPP) تتناول مضادّات الذهان غير النمطية. أظهرت الدراسة أنّ دواء ريسبيريدون (بالإنجليزيّة: Risperidone) كان فعّالًا ومقبولًا بشكل جيّد لعلاج المشاكل السلوكيّة الحادّة لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد. كانت الآثار الجانبيّة الأكثر شيوعًا هي زيادة الشهيّة، وزيادة الوزن، والشعور بالتخدير. في (6 أكتوبر 2006)، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة على ريسبيريدون -واسمه التجاريّ: ريسبردال (بالإنجليزيّة: Risperdal) لعلاج أعراض التهيّج لدى الأطفال والمراهقين ذوي اضطراب طيف بالتوحّد، والذين تتراوح أعمارهم بين (5) و(16) سنة. والموافقة هذه هي الأولى من نوعها لاستخدام دواء لعلاج سلوكيّات مرتبطة باضطراب طيف التوحّد لدى الأطفال، مثل: التهيّج، والسلوك العدوانيّ، والإيذاء المتعمّد للنفس، ونوبات الغضب. هناك حاجة لمزيد من الدراسات طويلة الأجل لتحديد أيّ آثار جانبية يمكن أن تحدث على المدى الطويل.

دُرسَت مؤخّرًا أنواع أخرى لمضادّات الذهان غير النمطيّة، وأظهرت نتائج مشجّعة، ولم يكن من أعراضها الجانبيّة زيادة الوزن، مثل:

  • أولانزابين (بالإنجليزيّة: Olanzapine)، واسمه التجاريّ: زيبريكسا (بالإنجليزيّة: Zyprexa).
  • زيبراسيدون (بالإنجليزيّة: Ziprasidone)، واسمه التجاريّ: جيودون (بالإنجليزيّة: Geodon).

نوبات الصرع

يصاب بنوبات صرعيّة (1) بين كلّ (4) أشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد، وتكون في معظم الأحيان لدى أولئك الذين لديهم معدّل ذكاء منخفض، أو البُكم. تُعالَج النوبات الصرعيّة باستخدام مضادّ واحد أو أكثر من مضادّات التشنّج، مثل:

  • كاربامازيبين (بالإنجليزيّة: Carbamazepine)، واسمه التجاريّ: تيجريتول (بالإنجليزيّة: Tegretol).
  • لاموتريجين (بالإنجليزيّة: Lamotrigine)، واسمه التجاريّ: لاميكتال (بالإنجليزيّة: Lamictal).
  • توبيراميت (بالإنجليزيّة: Topiramate)، واسمه التجاريّ: توباماكس (بالإنجليزيّة: Topamax).
  • حمض الفالبرويك (بالإنجليزيّة: Valproic acid)، واسمه التجاريّ: ديبوكوت (بالإنجليزيّة: Depakote).

عند استخدام هذه الأدوية، يجب مراقبة مستوى الدواء في الدم بعناية، وتعديل جرعته لتصل إلى أقل كمّيّة ممكنة. على الرغم من أنّ الدواء يقلّل عادةً من عدد النوبات، لا يمكنه دائمًا منعها تمامًا.

اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة

تُستخدَم الأدوية المنشّطة مثل الميثيلفينيديت (بالإنجليزيَّة: methylphenidate) -واسمه التجاريّ: ريتالين (بالإنجليزيّة: Ritalin)- بأمان وفعّاليّة لعلاج نقص الانتباه عند الأشخاص المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة. وتُوصَف كذلك للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد؛ إذ تقلّل من سلوكهم الاندفاعيّ، وفرط نشاطهم.

أدوية أخرى

تُستخدَم العديد من الأدوية لعلاج أعراض اضطراب طيف التوحّد، ومن بينها مضادّات الاكتئاب الأخرى، مثل:

  • النالتريكسون (بالإنجليزيّة: Naltrexone).
  • الليثيوم (بالإنجليزيّة: Lithium).
  • بعض البنزوديازيبينات (بالإنجليزيّة: Benzodiazepines)، مثل: ديازيبام (بالإنجليزيّة: Diazepam) واسمه التجاريّ: الفاليوم (بالإنجليزيّة: Valium)، ولورازيبام (بالإنجليزيّة:Lorazepam)، واسمه التجاريّ: أتيفان (بالإنجليزيّة: Ativan).

لم تُثبَت سلامة وفعّاليّة هذه الأدوية لدى الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد. وبما أن الأشخاص يستجيبون بشكل مختلف لأدوية مختلفة، يساعد تاريخ طفلك وسلوكه الطبيب في تحديد الأدوية التي قد تكون أكثر فائدة.

خيارات في الدراسة والتعليم

يساعد إلحاق طفلك بالمدارس التي تضمّ برامج مخصّصة للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد على تنمية مهاراته الاجتماعيّة، وتحسين طرق التواصل. تأكّد من وجود خبرة كافية لدى المعلّمين الذين سيتعاملون مع طفلك. تخصّص بعض المدارس فصولًا للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحّد، وتوفّر لهم برامج تعليميّة منفصلة. أمّا ضمّهم مع طلبة الفصول العاديّة الأخرى في أجزاء معيّنة خلال اليوم فيختلف بين مدرسة وأخرى حسب النظام المعتمد.

اضطراب طيف التوحّد عند المراهقين

تُعَدّ مرحلة المراهقة من المراحل العمريّة المليئة بالتوتّر والارتباك بالنسبة للجميع؛ غير أنّ الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد يواجهون خلالها تحديّات إضافيّة. في الواقع، تتحسّن بعض السلوكيّات عندما يصل الأطفال ذوو اضطراب طيف التوحّد إلى مرحلة المراهقة؛ غير أنّ بعضها الآخر يزداد سوءًا. يمكن للسلوك العدوانيّ المتزايد أن يكون أحد الطرق التي يعبّر بها بعض المراهقين ذوي اضطراب طيف التوحّد عن التوتّر والارتباك الجديدَين.

تتميّز مرحلة المراهقة بزيادة الحساسيّة والإدراك من الناحية الاجتماعيّة؛ فينشغل معظم المراهقين بحبّ الشباب، ومدى شهرتهم، ودراجاتهم الدراسيّة، والمواعدة العاطفيّة. لا يختلف النموّ الجنسيّ للمراهقون ذوي اضطراب طيف التوحّد عن المراهقين الآخرين. لكن يمكن للمراهقين ذوي الاضطراب أن يلحظوا افتقادهم للأصدقاء، وألّا يحظوا بالمواعدة العاطفيّة، وألّا يخطّطوا للعمل؛ فيدركون اختلافهم عن أقرانهم بشكل مؤلم. يثير ذلك مشاعر الحزن لدى بعض المراهقين ذوي اضطراب طيف التوحّد، والتي قد تدفعهم إلى تعلّم سلوكيّات جديدة.

اضطراب طيف التوحّد عند البالغين

تستحدث بعض المدن طرقًا لمساعدة الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد على العمل في وظائف مجدية، والعيش والاندماج داخل المجتمع الكبير، بدلًا من وجودهم في بيئة منفصلة. ومع ذلك، غالبًا ما تسبّب مشاكل التواصل والمشاكل الاجتماعيّة صعوبات في العديد من مجالات الحياة. كما تستمرّ حاجة البالغين ذوي اضطراب طيف التوحّد إلى التشجيع والدعم المعنويّ في كفاحهم من أجل حياة مستقلّة.

يمكن للعديد من الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد العمل في ورش عمل محميّة، تحت إشراف مدراء مُدرَّبين على العمل مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة. تساعد بيئة الرعاية في المنزل، والمدرسة، والتدريب على العمل، والعمل الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد على التعلّم والتطوّر على مدار حياتهم.

ترتيبات المعيشة للبالغين ذوي اضطراب طيف التوحّد

الحياة المستقلّة

إنّ بعض البالغين ذوي اضطراب طيف التوحّد قادرون على العيش كلّيًّا بمفردهم. ويمكن للبعض الآخر العيش حياة شبه مستقلّة في منازلهم، إذا كان لديهم العون في حلّ المشاكل الرئيسيّة مثل الأمور الماليّة، أو التعامل مع المصالح الحكوميّة التي تقدّم الخدمات للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصّة. يمكن تقديم هذا العون من قبل العائلة، أو هيئة متخصّصة، أو مقدّمي الخدمات المماثلة.

الحياة في المنزل

من جهة، توفّر بعض الحكومات دعمًا خاصًّا للعائلات التي يعيش معها شخص بالغ من ذوي الاحتياجات الخاصة، بما في ذلك الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد. يمكنك مراجعة البرامج الحكوميّة مع وزارة التضامن الاجتماعيّ. ومن جهة أخرى، من المهمّ طلب المساعدة المتخصّصة لتوجيه العائلة وإرشادها إلى طرق الرعاية السليمة، وتنمية مهارات الشخص البالغ ذي اضطراب طيف التوحّد.

الحياة في بيوت الرعاية وتطوير المهارات

تختار بعض العائلات وضع البالغ ذي اضطراب طيف التوحّد في بيوت الرعاية المخصّصة للأشخاص من ذوي الإعاقة. يُطلَق على البيت الذي يعلّم الاهتمام بالذات، والتدبير المنزليّ، وينظّم الأنشطة الترفيهيّة للمقيمين فيه «بيت لتطوير المهارات».

الحياة في مجموعات مُشرَف عليها

غالبًا ما يعيش الأشخاص ذوو الإعاقة في منازل جماعيّة أو شقق سكنيّة مع مشرفين يساعدونهم في احتياجاتهم الأساسيّة. وتشمل هذه الاحتياجات عادةً إعداد الوجبات، وتنظيف المنزل وتنظيمه، والرعاية الشخصيّة. قد يتمكّن الأشخاص ذوو التوحّد عالي الأداء من العيش في منزل أو شقّة يزورها المشرفون عدّة مرّات في الأسبوع. وعادةً ما يستطيع الأشخاص ذوو التوحّد عالي الأداء إعداد وجبات الطعام بأنفسهم، والذهاب إلى العمل، والقيام بأنشطتهم اليوميّة الأخرى.

مؤسسّات الرعاية

يمثّل تجنّبُ وضع الأشخاص ذوي الإعاقة في مؤسّسات الرعاية طويلة الأجل الاتجاهَ السائد في العقود الأخيرة. إلّا أنّ هذا البديل لا يزال متاحًا للأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد الذين يحتاجون إلى الإشراف المكثّف والمستمرّ. على عكس العديد من مؤسّسات العصور الماضية، تنظر المرافق الحاليّة إلى الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحّد كأفراد لهم احتياجات إنسانيّة، وتوفّر فرصًا للترويح عن النفس، والعمل البسيط والمفيد.


المصادر

  • Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fourth Edition, Revised
  • Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fifth Edition
  • Center for Disease Control and Prevention (CDC)
  • Autism Society
  • National Institute of Mental Health Akshoomoff N, Pierce K, Courchesne E. (2002) The neurobiological basis of autism from a developmental perspective. Development and Psychopathology, 14: 613-634.
  • Berument SK, Rutter M, Lord C, Pickles A, Bailey A. (1999). Autism Screening Questionnaire: diagnostic validity. British Journal of Psychiatry, 175: 444-451.
  • Baird G, Charman T, Baron-Cohen S, Cox A, Swettenham J, Wheelwright S, Drew A. (2000). A screening instrument for autism at 18 months of age: A 6-year follow-up study. Journal of the American Academy of Child and Adolescent Psychiatry, 39: 694-702.
  • Courchesne E. Carper R, Akshoomoff N. (2003). Evidence of brain overgrowth in the first year of life in autism.JAMA, 290(3): 337-344.
  • Department of Health and Human Services. Mental Health: A Report of the Surgeon General. Rockville, MD: Department of Health and Human Services, Substance Abuse and Mental Health Services Administration, Center for Mental Health Services, National Institute of Mental Health, 1999.
  • Ehlers S, Gillberg C, Wing L. (1999). A screening questionnaire for Asperger’s syndrome and other high-functioning autism spectrum disorders in school-age children. Journal of Autism and Developmental Disorders, 29(2): 129-141.
  • Filipek PA, Accardo PJ, Ashwal S, Baranek GT, Cook Jr. EH, Dawson G, Gordon B, Gravel JS, Johnson CP, Kallen RJ, Levy SE, Minshew NJ, Ozonoff S, Prizant BM, Rapin I, Rogers SJ, Stone WL, Teplin SW, Tuchman RF, Volkmar FR. (2000) Practice parameter: screening and diagnosis of autism. Neurology, 55: 468-479.
  • Garnett MS, Attwood AJ. (1997). The Australian scale for Asperger’s syndrome. In: Attwood, Tony. Asperger’s Syndrome: A Guide for Parents and Professionals. London: Jessica Kingsley Publishers.
  • Korvatska E, Van de Water J, Anders TF, Gershwin ME. (2002). Genetic and immunologic considerations in autism. Neurobiology of Disease, 9: 107-125.
  • Lord C, Risi S, Lambrecht L, Cook EH, Leventhal BL, DiLavore PC, Pickles A, Rutter M. (2000). The autism diagnostic observation schedule-generic: a standard measure of social and communication deficits associated with the spectrum of autism. Journal of Autism and Developmental Disorders, 30(3): 205-230.
  • Lovaas OI. Behavioral treatment and normal educational and intellectual functioning in young autistic children.Journal of Consulting and Clinical Psychology, 1987; 55: 3-9.
  • McDougle CJ, Stigler KA, Posey DJ. (2003). Treatment of aggression in children and adolescents with autism and conduct disorder. Journal of Clinical Psychiatry, 64 (supplement 4): 16-25.
  • McEachin JJ, Smith T, Lovaas OI. Long-term outcome for children with autism who received early intensive behavioral treatment. American Journal on Mental Retardation, 1993; 97: 359-372.
  • National Institutes of Health, National Library of Medicine, MedlinePlus, 2007. Autism. www.nlm.nih.gov/medlineplus/ency/article/001526.htm
  • Newschaffer CJ (2003). (Johns Hopkins Bloomberg School of Public Health). Autism Among Us: Rising Concerns and the Public Health Response [Video on the Internet]. Public Health Training Network, 2003 June 20. Available from: www.publichealthgrandrounds.unc.edu/autism/webcast.htm.
  • Powers, M. D. (2000). What Is Autism? In: Powers MD, ed. Children with Autism: A Parent’s Guide, Second Edition. Bethesda, MD: Woodbine House, 28.
  • Robbins DI, Fein D, Barton MI, Green JA. (2001). The modified checklist for autism in toddlers: an initial study investigating the early detection of autism and pervasive developmental disorders. Journal of Autism and Developmental Disorders, 31(2): 149-151.
  • Research Units on Pediatric Psychopharmacology Network (RUPP) (2002). Risperidone in children with autism and serious behavioral problems. New England Journal of Medicine, 347(5): 314-321.
  • Scott FJ, Baron-Cohen S, Bolton P, Brayne C. (2002). The Cast (Childhood Asperger Syndrome Test): preliminary development of a UK screen for mainstream primary-school-age children. Autism, 2(1): 9-31.
  • Stone WL, Coonrod EE, Ousley OY. (2000). Brief report: screening tool for autism in two-year-olds (STAT): development and preliminary data. Journal of Autism and Developmental Disorders; 30(6): 607-612.
  • Tadevosyan-Leyfer O, Dowd M, Mankoski R, Winklosky B, Putnam S, McGrath L, Tager-Flusberg H, Folstein SE. (2003) A principal components analysis of the autism diagnostic interview-revised. Journal of the American Academy of Child and Adolescent Psychiatry, 42(7): 864-872.
  • Van Bourgondien ME, Marcus LM, Schopler E. (1992). Comparison of DSM-III-R and childhood autism rating scale diagnoses of autism. Journal of Autism and Developmental Disorders, 22(4): 493-506.
  • Volkmar, F. R. (2000) Medical Problems, Treatments, and Professionals. In: Powers MD, ed. Children with Autism: A Parent’s Guide, Second Edition. Bethesda, MD: Woodbine House, 73-74.
  • Yeargin-Allsopp M, Rice C, Karapurkar T, Doernberg N, Boyle C, Murphy C. (2003). Prevalence of Autism in a US Metropolitan Area. The Journal of the American Medical Association. Jan 1; 289(1):49-55.
مصدر Psychology Today

المصادر+

فريق الاعداد
اترك ردًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

6 تعليقات
  1. […] اضطراب التعلُّم غير اللفظيّ مشابهة لتلك من أعراض متلازمة أسبرجر، ولكنها غالبًا ما تكون أقل حدة. حتى أنَّ بعض الخبراء […]

  2. […] العصبيّة، وإصابة الدماغ، وإصابة الأحبال الصوتيّة، والتوحّد، والإعاقة الذهنيّة، وإساءة استعمال المخدّرات، […]

  3. […] أثناء النوم). وقد تتضمّن الحالات المصاحبة الأخرى: التوحّد، والقلق، والاكتئاب، وسوء استخدام الموادّ، واضطراب […]

  4. […] التوحّد. (لمزيد من المعلومات حول اضطراب طيف التوحّد، انظر هنا). تشمل الأعراض ما […]

  5. […] أن تكون الحركات التكراريّة عرضًا ظاهرًا من أعراض اضطراب طيف التوحّد. بما أنّ الحركات النمطيّة سِمة من سِمات اضطراب طيف […]

  6. […] من الالتباس الشائع بين اضطراب التآزر الحركيّ واضطراب طيف التّوحّد، إلا أن اضطراب التآزر الحركيّ ليس شكلًا من أشكال […]

اترك ردًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.